الكلمة السامية
لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في افتتاح دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني الموقرين،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فيطيب لنا، وعلى بركة الله، أن نفتتح دور الانعقاد الرابع لمجلسكم الموقر في فصله الحالي، متطلعاً معكم إلى مرحلة جديدة من العمل الجاد والمثمر، ضمن مسيرة النهضة المباركة التي بدأها الآباء نحو وطن المحبة والحرية والرخاء، وفي سياق استمرارية دستورية منتظمة تعمل على ترسيخ تقاليدنا الرصينة التي تتميز بها تجربتنا الوطنية الجديرة بالمستوى الحضاري الرفيع لأهل البحرين الكرام.
ولا يسعنا في هذا المقام، إلا أن نتوجه بشكرنا وتقديرنا لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهدنا الأمين رئيس مجلس الوزراء، على جهوده الكبيرة والمتواصلة في إدارة الأزمة الصحية الطارئة، الذي يُشرف، حتى هذه اللحظة، على كافة تفاصيلها، وبتنفيذ متميز "لفريق البحرين" بجميع كوادره، والذين نكن لهم – بدورنا – كل امتنان واعتزاز نظير خدماتهم المشرّفة التي ستذكرها لهم بلادنا على الدوام.
ونخص بالذكر هنا، الطواقم الطبية على الصفوف الأمامية، وهم يواجهون الجائحة بسلاح التطعيم والتحصين، وبتعاون مشكور من قبل الجميع، حامدين الله الذي أعاننا على تجاوز هذا الظرف، دون أن ننسى، في خِضَمّْ كل ذلك، من فقدناهم من أرواح عزيزة، ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، ولأهلهم بالصبر والسلوان.
الأخوة والأخوات، فبالرغم من صعوبة المرحلة، إلا أننا، وبفضل من الله، نسير بثبات وبأداء اقتصادي قوي يبعث على الارتياح والتفاؤل بعودة واثقة لمسارات النمو بحسب ما تطمح له رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تساهم بكفاءة عالية في تعافي اقتصادنا الوطني، وتتعامل بشكل محترف مع التحولات العالمية المتسارعة للاستفادة من فرصها، بهدف تعزيز التنافسية والمكانة الاقتصادية لمملكة البحرين.
ومن هذا المنبر، ندعو جميع أصحاب الأعمال - ضمن قطاعات الدولة الإنتاجية والخدمية والاقتصادية - إلى اقتراح المزيد من الأفكار والمبادرات لتنمية اقتصادية شاملة الأبعاد، مع التركيز على دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كمحركات لبلوغ أهداف التنمية المستدامة خصوصاً في مجال الصناعة وعلوم المستقبل، وعلى كيفية تطوير تعاملنا مع التحديات البيئية والأزمة المناخية التي تطال كوكبنا، بمد يد التعاون من أجل مواقف عالمية مؤثرة، نجدد من خلالها سبل حماية البيئة من أية مخاطر مستجدة لحفظ بنائنا الإنساني والحضاري.
ولا يفوتنا في سياق حديثنا عن أهمية التعافي الاقتصادي والبيئي، أن نشير إلى وجاهة وفعالية البرامج الحكومية لتحقيق التوازن المالي والاكتفاء الذاتي كمدخل أساسي لتنمية واستدامة مواردنا وثرواتنا الوطنية .. اليوم وغداً. مشيدين هنا، بالتطور المستمر لأداء حكومتنا الموقرة الملتزمة بأحدث الممارسات الإدارية والتقنية، والمتمثل في تشديد الرقابة على جودة الإجراءات والخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، ورفع كفاءة وعدالة توزيع الدعم الحكومي، وباهتمامها المستمر للارتقاء بالكوادر الوطنية، والعناية بقضايا الشباب البحريني ودعم تقدم المرأة البحرينية، لتتوالى الإنجازات المشرّفة التي نشهدها على كافة المستويات وفي جميع المجالات، وللمرأة مكانتها الرفيعة في بلادنا، ولله الحمد، فهي مباركة في سعيها وعطائها، ولها كل التقدير والتكريم.
ونوجه هنا بالاستمرار في دعم وتطوير الخطط والبرامج التي تُخصص لذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية بمبادراتها الهامة وصندوق الأمل بمشاريعه الطموحة.
وتسعدنا الإشارة في هذا السياق، بأننا نعيش اليوم أجواء من التوافق والطمأنينة والمحبة كأسرة واحدة في هذا المجتمع الآمن، وهي أجواء مشجعة تجعلنا نمضي قدماً لتطوير التشريعات ونظم العمل، وخصوصاً ما تعلق منها، بحماية الحقوق الإنسانية وتعزيز الترابط الأسري والنسيج المجتمعي.
ومن بين أهم البرامج المنفذة على هذا الصعيد، برنامج العقوبات البديلة، الذي نجح، بالرغم من حداثة تطبيقه، في تحقيق أهدافه كمشروع وطني حضاري بأبعاد إنسانية شاملة. ولمواصلة الجهود الوطنية للارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان، فقد وجهنا، بالبدء في وضع الآليات التنفيذية والبُنى التحتية اللازمة لمراكز الإصلاح والسجون المفتوحة، ووفق ضوابط محددة، لضمان إعادة دمج المستفيدين من البرنامج في مجتمعهم وبتفاؤل يشجعهم على التطلع لمستقبلٍ مشرق، بإذن الله.
الحضور الكريم، تواصل مملكة البحرين التزامها بنهجها الدبلوماسي القائم على سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل مع الأشقاء والأصدقاء في كل مكان. وفي هذا الصدد، نتابع بقلق شديد ما تتعرض له المياه الإقليمية للخليج العربي من استهداف متعمد يهدد أمن هذه المنطقة الحيوية وخطوط الملاحة الدولية. ونجد بأن ما تتعرض له السفن التجارية في الخليج وبحر العرب من هجمات عدائية متكررة، يتطلب المزيد من التنسيق مع مختلف الأطراف الدولية من أجل مكافحة قوى الإرهاب، ووقف دعمها وتمويلها من أي طرف كان.
وسيبقى التمسك بالعمل والمصير المشترك بين دولنا وشعوبنا الشقيقة من ثوابت البحرين الوطنية والقومية، وأياً كانت التحديات، فإن بلادنا تعتز بالمسيرة الخليجية المباركة وتتطلع لأن يعود العمل ضمن مساره الطبيعي، تحقيقاً للأهداف النبيلة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما تصبو إليه لتوحيد الصفوف وتقريب القلوب وتنمية المصالح المشتركة.
الأخوة والأخوات، إنه ليسرنا بهذه المناسبة الطيبة أن نشيد بالتعاون الإيجابي بين الحكومة الموقرة والمجلس الوطني الذي أصبح من تقاليدنا الوطنية، وننظر إليه بعين الارتياح لما ينتج عنه من مشاورات ومناقشات بنّاءة، بهدف وضع الحلول الفعّالة ومراجعة وتطوير التشريعات ذات الأولوية، هذا فضلاً عن الدور الكبير الذي تتولاه وفود المجلس في إبراز صورة البحرين في المنابر الدولية والمجالس المماثلة في الأقطار الشقيقة والصديقة.
ولا يسعنا هنا إلا أن نخص وبكثير من التقدير والاعتزاز، الجهود البارزة والتضحيات الباسلة لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في حماية سياج الوطن والمحافظة على منجزاته وسيادته، وأن نعرب لمؤسساتنا العسكرية عن بالغ سرورنا ومباركتنا لإقدامهم على برامج التصنيع الحربي المتقدم وتوطين عملياتها، انسجاما مع ما نشهده من تجارب إقليمية تشعرنا بالفخر لتحقيق القوة الدفاعية الداعمة لاستقرار المنطقة.
وفي ختام هذا الحديث، ومن منطلق اعتزازنا بما يُبذل من جهد وطني مخلص في ميادين الإنتاج والبناء، نتوجه بالتحية والثناء والتقدير لعطاء مواطنينا الكرام، برجالهم ونسائهم، ونحن نمضي – معهم - بمعنويات عالية لنحقق للجميع الحياة الحرة والكريمة، واضعين تقدمنا الحضاري نصب أعيننا تحت لواء دولة المؤسسات والقانون. مع خالص التمنيات لدور انعقاد موفق يواصل بالبناء على المنجزات والمكاسب الوطنية، التي ما كان لها أن تتحقق، إلا بتوفيق من الله، ومن ثم اجتهادكم في خدمة الوطن الغالي، كلٍ من موقع مسئوليته، وهي نتائج تدعونا للفخر بكم وبجميع أهل البحرين الأعزاء.
بوركتم وبوركت خطاكم على طريق الخير والفلاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.