(انظر الملحق 5/ صفحة 145)
الرئيــــس: سنبدأ بمناقشة المبادئ والأسس العامة لمشروع القانون. تفضلي الأخت مقررة اللجنة.
العضو نانسي دينا إيلي خضوري: شكرًا سيدي الرئيس، تدارست اللجنة مشروع قانون بتعديل المادة (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب)، مع ممثلي كل من: وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والمستشارين القانونيين للجنة، واطلعت اللجنة على رأي لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى الذي جاء مؤكدًا سلامة مشروع القانون من الناحيتين الدستورية والقانونية، كما اطلعت اللجنة على قرار مجلس النواب ومرفقاته بشأن مشروع القانون. يتألف مشروع القانون ــ فضلًا عن الديباجة ــ من مادتين، نصت المادة الأولى منه على أن يستبدل بنص المادة رقم (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، نص جديد يغلظ العقوبة المقررة لجريمة عدم إبلاغ أحد مزاولي المهن الطبية أو الصحية للسلطة العامة عما علم به أثناء مزاولته من وجود إشارات وأمارات ودلائل يشتبه معها أن إصابة شخص أو وفاته ناتجة عن جناية أو جنحة. فيما جاءت المادة الثانية تنفيذية. وبالاطلاع على الرأي الوارد في مذكرة الحكومة الموقرة؛ رأت اللجنة أن الحكومة تتفق من حيث المبدأ مع الغاية المتوخاة من التعديل المقترح عبر تغليظ عقوبة عدم تبليغ العاملين في المجال الصحي والطبي سواء من الاستشاريين أو الأطباء أو الممرضين عن الجرائم المكتشفة من قبلهم أثناء ممارستهم لأعمالهم، إذ إن العقوبة القائمة حاليًا في النص النافذ وهي (الغرامة التي لا تجاوز عشرة دنانير)؛ لا تتناسب مع طبيعة الجريمة وخطرها والأثر المترتب على عدم الإبلاغ عن وقوعها، ومساسها المباشر بسير القضاء، فضلًا عن انتهاكها للأصول والأعراف والسلوكيات المهنية المتعارف عليها والمعمول بها في هذا المجال، إلا أن الحكومة الموقرة ترى ــ في مذكرتها الإيضاحية المرافقة لمشروع القانون ــ ضرورة إعادة مراجعة العقوبة السالبة للحرية في الاقتراح بقانون المعروض (المقدم من مجلس النواب)، لتكون أكثر تناسبًا وملاءمة مع مبدأ الضرورة الاجتماعية درءًا للتشديد المبالغ فيه أو الإفراط غير المبرر في تحديد مقدار العقوبة، ولتتكامل وتتناسق مع نظيرتها المادة رقم (230) الواردة في الباب نفسه من القانون، التي تعاملت مع الإهمال في التبليغ من قبل الموظف المكلف وغير المكلف بالبحث عن الجرائم؛ وعليه اقترحت الحكومة الموقرة التعديل فقط في مقدار العقوبة السالبة للحرية المقدرة في الاقتراح بقانون المعروض من (الحبس مدة لا تقل عن سنة) إلى (الحبس أو الغرامة)، لإعطاء المحكمة سلطة تقديرية أوسع في تقدير العقوبة عند الحكم بالإدانة. وبناء على رأي الحكومة الموقرة؛ أجرى مجلس النواب تعديلًا على المادة الأولى في مشروع القانون بتعديل المادة (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، حيث تم استبدال عبارة (يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين) بعبارة (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين) لتصبح المادة على النحو الآتي: "مادة (231): يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، من قام في أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية بالكشف على شخص متوفى أو بإسعاف مصاب بإصابة جسيمة وجدت به علامات تشير إلى أن وفاته أو إصابته من جناية أو جنحة أو إذا توافرت ظروف أخرى تدعو إلى الاشتباه في سببها ولم يبلغ السلطة العامة بذلك". وفي ضوء الملاحظات المذكورة أعلاه، والآراء التي أبديت من قبل أصحاب السعادة أعضاء اللجنة، والمستشارين القانونيين؛ توافق رأي اللجنة مع قرار مجلس النواب بإجراء التعديل اللازم على المادة الأولى الواردة في مشروع القانون، وذلك بتعديل العقوبة في المادة رقم (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، وذلك للأسباب الآتية: 1. إن تغليظ العقوبة على الممتنع عن التبليغ عن شبهات الجرائم من ممارسي المهن الطبية أو الصحية؛ سيدفع من يقوم بتوقيع الكشف الطبي على المتوفى أو المصاب بإصابات جسيمة ناجمة عن جناية أو جنحة إلى سرعة الإبلاغ خشية الوقوع تحت طائلة القانون، وبذلك سيتحقق الهدف الذي يسعى إليه مشروع القانون وهو إحقاق الحق وتحقيق العدالة، والردع العام. 2. إن تعديل العقوبة المقررة للجريمة يجعلها أكثر تناسبًا وملاءمة مع الفعل المجرّم، وبذلك تتناسق مع المادة رقم (230) الواردة في الباب نفسه من القانون، التي تناولت جريمة إهمال الموظف العام في الإبلاغ عن الجرائم التي تصل إلى علمه سواء أكان مكلفًا بالبحث عن الجرائم أو ضبطها أو غير مكلف بذلك. 3. سيمنح هذا التعديل المحكمة الجنائية سلطة تقديرية أوسع في تقدير العقوبة المناسبة عند الحكم بالإدانة. وبناءً على ما تقدم، فإن اللجنة توصي بالموافقة من حيث المبدأ على مشروع قانون بتعديل المادة (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب). والموافقة على نصوص مواده بالتعديلات التي أجراها مجلس النواب عليه، وفق الجدول المرفق، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، هل هناك ملاحظات؟ تفضلي الأخت دلال جاسم الزايد.
العضو دلال جاسم الزايد: شكرًا سيدي الرئيس، أولًا: أتوجه بالشكر إلى رئيس وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني على إعدادهم هذا التقرير، وكذلك أتقدم بالشكر إلى الإخوان في مجلس النواب على الالتفات إلى هذا النص الذي أوجب تغليظ وتشديد العقوبة وفق ما أفادت به مقررة اللجنة الأخت نانسي دينا إيلي خضوري من بيان وأسباب، ونحن نتفق معهم عليه، لأن الامتناع عن التبليغ عن شبهات الجرائم من قبل ممارسي المهن الطبية أو الصحية يعتبر جنحة، وهي من الجرائم السلبية التي يمتنع فيها الشخص عن أداء ما هو مكلف به بموجب نص قانوني. من الجيد أن العقوبة التي تم إقرارها ــ والتي كانت في السابق الغرامة فقط ــ تركت السلطة التقديرية للقاضي الجنائي في تحديد العقوبة بالحبس أو بالغرامة أو بكلتا العقوبتين. ولا خلاف على النص النافذ كما هو منصوص عليه في قانون العقوبات، والتعديل جاء فقط في مسألة تحديد نوع العقوبة وما يقرر فيها. أنا مع قرار اللجنة، ولكن أثيرت بعض التساؤلات عندما أعلن عن هذا المشروع بقانون وخاصة من ممارسي المهن الطبية أو الصحية، ففي حالة وجود أي حالة من الحالات المنصوص عليها، وخاصة أن مشروع القانون تناول أمرين: أمر الوفاة، وأمر الإصابة الجسيمة، وبالتالي لإعمال هذا النص طالما أن فيه الآن عقوبة سالبة لحرية ممارسي المهن الطبية أو الصحية، فلابد من تدريبهم حول كيفية الاشتباه في المسائل الجنائية، لتحديد المناط الذي يجب أن تفرض فيه مسألة التبليغ. ثانيًا: ورد في النص وجوب تبليغ النيابة العامة في حالة الاشتباه، أطلب من معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف توضيح اشتراطات وإجراءات التبليغ، على سبيل المثال: إذا نقل مسعف شخصًا، ومن ملاحظاته الخارجية اشتبه أن الشخص قد تعرض لضربة في الرأس أو غيره، فهل من إجراءات التبليغ أن يتقدم المسعف إلى إدارة المستشفى أو جهاز رئيس الأطباء باستمارات خاصة بإجراءات هذا التبليغ، وخاصة أننا نتعامل مع المستشفيات الخاصة والحكومية في الوقت ذاته، باعتبار أنها سوف تشكل جريمة شخصية، ولذلك لابد من بيان ماهية تلك الإجراءات التي يتم اتخاذها في هذا الجانب. أيضًا في ظل الأمور المناطة ــ خصوصًا ــ بمسألة الوفاة وبالأمور المتعلقة بالاشتباه؛ حبذا لو يطلعنا وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف عن حالة تبليغي عن شخص مشتبه به في حالة الوفاة، وأن هناك ما يوحي إلى وجود شبهة جنائية. الإجراءات ما بين القيام بمعاينة جثة المتوفى، هل فيها بالفعل دلائل واضحة وقائمة على وجود شبهة جنائية؟ وما هو اختصاص الطبيب الشرعي في هذا الجانب للبت في ذلك؟ عامل الوقت مهم جدًا، فكما هو متعارف عليه أن إكرام الميت دفنه، وكذلك فيما يتعلق بأهل المتوفى عند مصادفة حالات الاشتباه بأن تكون هناك بعض العوامل. أعتقد كذلك أن دور الطبيب الشرعي ينشط هنا في إعطاء العاملين في مهنة الطب وخدمة الإسعاف دورات مكثفة مختصة في هذا الجانب، باعتبار أن نص المادة كان يدعو إلى مسألة الاشتباه في وقوع إما جنحة أو جناية. بعض الأمور تكون دلائلها واضحة، فهذه لا تترك أمورًا للشك، ولكن بعض الأمور تحتاج إلى ربطها مع المسائل المتعلقة بوجود ارتكاب لمثل تلك الأمور، وخاصة أنه في حالة الوفاة يمكن أن يكون الفعل أدى مباشرة إلى الوفاة. قد يكون هناك ضرر جسيم مع وجود شبهة جنائية، ولكنه يندرج تحت الفعل الذي أفضى إلى موت، بمعنى أنه قد يصاب عند نقله بالأمور الجسيمة كإصابة جسيمة، وبعدها بفترة قد يتوفى، وهنا فرق ما بين الحالتين. هذا يتطلب ترتيبًا وإجراءات حثيثة في هذا الجانب حتى يمتثل المخاطبون بهذا القانون لتطبيق أحكامه ونصوصه، وتحقيق الغايات منه، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضل معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: شكرًا سيدي الرئيس، إن هذا التعديل جاء لكي يضفي نوعًا من التوازن في قانون العقوبات. إذا نظرنا إلى المادة (231) فسنجد أن العقوبة حتى هذه اللحظة هي 10 دنانير. في حالة وجود اشتباه في جناية أو جنحة نتج عنها وفاة أو إصابة ليست عادية وإنما إصابة جسيمة، فإبلاغ السلطات العامة عند الكشف بحسب الإجراءات المتخذة في المستشفيات أو العيادات هو التزام على الطبيب، بحيث يبلغ السلطات العامة بهذه الإصابة. كيف نحدد أن الإصابة جسيمة؟ مثلًا إذا نظرنا إلى قرار سعادة وزير العمل في عام 2013م عن الإصابات الجسيمة في أماكن العمل، فسنجد فيه أي إصابة في العين، وأي حروق من الدرجة الثالثة، وأي كسور ما لم تكن في أصابع اليدين أو القدمين، وأي تعطل من وظائف الجسم، وأي تحرك في فقرة من فقرات العمود الفقري، أو أي إصابة تستدعي العلاج أو إدخال المصاب إلى المستشفى لأكثر من 24 ساعة. لذلك العقوبة فيها نوع من المرونة، لأنه أحيانًا قد تدق في بعض الخطوط الرمادية ما بين هل هي إصابة جسيمة أم لا؟ هل يبلغ عنها بالفعل أم لا؟ أو أنه لا يدري أنها جنحة بطبيعتها حتى يبلغ عنها. هذا استدعى أن يكون النص موضوعًا بشكل يتناسب مع حجم المسألة المعروضة على الطبيب، وهل كان يجب عليه بالفعل أن يدركها؟ وهل من الطبيعي أنها تُدرك؟ وهل هي من المسائل الخلافية؟ أعتقد أن النص بوضعه الحالي بعد التعديل سيسمح بذلك. المسألة طبعًا كيف يتم التبليغ؟ يتم التبليغ للسلطات العامة وليس النيابة العامة مباشرة، ومن الممكن أن تكون النيابة العامة، ولكن أيضًا قسم الشرطة الذي يتبعه المستشفى، وطبعًا في العيادة يتم الإبلاغ عن الحالة إذا كان لذلك محل. هذا ما أردت أن أبينه في هذا المشروع بقانون، وأعتقد أن إجازته ستخلق فعلًا توازنًا كان مفقودًا ما بين المادة 230 والمادة 231 من قانون العقوبات، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضلي الأخت الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل.
العضو الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل: شكرًا سيدي الرئيس، بسم الله الرحمن الرحيم، طبعًا أنا أتفق تمامًا مع مبدأ تغليظ العقوبة على الممتنع من العاملين في القطاع الصحي عن الإبلاغ بوجود شبهات جرائم عند تشخيص الحالات. لكن بداية لابد أن نجدد الإشادة بجهود الكوادر الطبية الذين أقسموا على العمل بإخلاص وتفانٍ ومهنية. إعطاء القانون الصلاحية لهم بالتبليغ أعتبره ــ من وجهة نظري ــ تأكيدًا للثقة بهم وبما يؤدونه من دور وخاصة عند تشخيصهم للحالات. لكن ــ معالي الرئيس ــ من خلال قراءتي لتقرير اللجنة الموقرة وأيضًا للمرفقات الواردة من مجلس النواب الموقر، كنت أتمنى أن يتضمن مرئيات للجهات المعنية الأخرى المرتبطة بموضوع التعديل التشريعي، مثل هيئة تنظيم المهن والخدمات الطبية، أو جمعية المستشفيات الخاصة، أو غيرها من الجهات، حتى نستطيع الوقوف على حجم هذا الموضوع الذي يعالجه التعديل. هل توجد ظاهرة لدينا في المستشفيات بامتناع مزاولي المهن عن الإبلاغ؟ قد يكون جهلًا منهم بوجود هذه الصلاحية مثلًا. في كل الأحوال ما أتمناه بعد التصديق على هذا القانون وإصداره أن تقوم إدارة المستشفيات الحكومية أو هيئة تنظيم المهن وغيرها من الجهات المعنية بتوعية وتثقيف الكوادر الطبية بشأن الواجبات القانونية المسندة إليهم في هذا التعديل وغيره من القوانين من أجل تلافي الوقوع في جريمة يعاقب عليها القانون. أنا ــ مثلما قلت ــ مع التعديل بتغليظ العقوبة، ولكن أتساءل: لماذا لم يتم تحديد الغرامة مثلما عمل الإخوة في مجلس النواب الموقر بتحديدها بألا تقل عن 200 دينار ولا تتجاوز 2000 دينار؟ لا أعرف لماذا اتخذ هذا القرار بتركها بدون تحديد؟! وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضل الأخ أحمد مهدي الحداد.
العضو أحمد مهدي الحداد: شكرًا سيدي الرئيس، والشكر موصول كذلك إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني على هذا التقرير. لا شك أن الهدف من هذا المشروع هو ردع من يحاول أن يخفي عند فحص جثث المتوفين نوعًا من الإصابات التي قد تقود إلى وجود جنحة وجريمة، وهذا الأمر مهم بالنسبة إلى التقارير التي ترفع إلى الجهات المعنية. التقرير ذكر ملاحظات وآراء عدة جهات منها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة الصحة، ووزارة الداخلية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ولكن التقرير خلا من رأي المجلس الأعلى للصحة، وأعتقد أن رأي المجلس الأعلى للصحة له أهمية. كذلك أثني على ما تفضلت به الدكتورة جهاد الفاضل بشأن غياب رأي الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، حيث أعتقد أن رأي هذه الجهة مهم جدًا، وفي الحالات التي توجد فيها شبهات أو مشاكل فيما يخص العلاج فإن أهالي المعنيين يرفعون دعاوى أو استفسارات إلى هيئة تنظيم المهن، وتقوم بدور كبير في البحث عن الحقيقة، فهل طلب الإخوان في اللجنة رأي هاتين الجهتين أم لا؟ أعتقد أن من المهم أن يتضمن مثل هذا التقرير رأي هذه الجهات التي لها دور كبير في متابعة شكاوى المواطنين والمقيمين، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضلي الأخت جميلة علي سلمان.
العضو جميلة علي سلمان: شكرًا سيدي الرئيس، أنا أتفق مع توصية اللجنة وأشيد بتوافقها مع مجلس النواب في هذا التعديل الذي أُجري أخيرًا على مشروع القانون. نحن لابد أن ننتبه هنا إلى أن هذه المادة هي مادة مدرجة تحت الجرائم المخلة بسير العدالة، والفصل الأول منها في المساس بسير القضاء. هنا نحن لا نتكلم فقط عن موضوع تستر على جريمة أو جسامة جريمة، بل نتكلم عن فعل يشكل التزامًا أخلاقيًا قانونيًا أدبيًا على الأطباء الذين يفترض منهم الالتزام بذلك، وامتناعهم أو تقاعسهم أو تسترهم وعدم الإبلاغ عن وجود شبهة يشكل جريمة، وعدم الإبلاغ عن شكهم في أن ما تعرض له المتوفى أو المصاب يشكل جريمة. هذا الامتناع يعتبر إخلالًا جسيمًا بسير العدالة، وأيضًا فيه مساس بسير القضاء، هذا من حيث المبدأ. العقوبة الموجودة حاليًا في القانون النافذ أو النص النافذ لا تتناسب مع جسامة الجريمة، ولو قارنا كل القوانين المقارنة الموجودة في التقرير فسنرى أن فيها عقوبات رادعة لهذا الفعل لخطورته، ومنذ صدور قانون العقوبات وهذه المادة لم تمس ولم يجرِ عليها أي تعديل. كلنا مقتنعون بأن 10 دنانير غير رادعة لو عرفنا أن هذا المصاب الإصابات التي تعرض لها أودت بحياته. أيضًا قد تتسبب الإصابة بعاهة مستديمة، وفي آخر المطاف بعد العلاج قد يتوفى الشخص، فكيف أتستر أو أتقاعس عن الإبلاغ وأنا عليّ التزام أدبي وقانوني بأن أبلّغ الجهات المختصة عن هذه الفعل الجسيم؟ كيف أقارن ذلك بعشرة دنانير؟! كيف ستردعه؟! من الطبيعي أن هذه العقوبة لن تكون رادعة. النص بصياغته الحالية يتلاءم مع سياستنا التشريعية الجنائية، وأيضًا نحن ندرك أن هذه العقوبة أو هذا تعديل ليس فيه ــ في المقام الأول ــ استهداف للأطباء أبدًا، فنحن لدينا ــ الحمد لله ــ طواقم طبية وأطباء يتصفون بالنزاهة، وبالالتزام بالقانون، وبالالتزام بالمبادئ الأخلاقية والأدبية بحسب القسم الذي أقسموه، ولكن لكل قاعدة شواذ، وهذه المادة ستكون رادعة. لقد تم الكشف عن الكثير من الجرائم التي تعرض لها الكثير من الناس في القضايا الموجودة في المحاكم أو المنظورة أمام النيابة من خلال الكشف الدقيق من قبل الأطباء وفطنتهم والتزامهم القانوني بالإبلاغ عن وجود شبهة جنائية. طبعًا أنا أتفق مع ما ذكرته الأخت دلال الزايد من أن الأطباء ــ وخصوصًا أطباء الطوارئ في المستشفيات سواء الخاصة أو الحكومية ــ يجب أن يخضعوا لتدريب يشرف عليه الأطباء الشرعيون الموجودون عندنا في مملكة البحرين؛ لأنه أحيانًا يوجد هناك شك من قبل الطبيب، وخصوصًا عندما يأتي مريض ويكون هناك خوف من بعض المرافقين أن يفصحوا عن أن المريض قد تعرض لشبهة جنائية، ربما يدعي أنه وقع أو سقط أو ارتطم رأسه بالحائط مثلًا، والطبيب بفطنته وتدريبه ــ الذي حصل عليه من الطبيب الشرعي ــ بإمكانه اكتشاف أن هذا الفعل الذي تعرض له المريض فيه شبهة جنائية. أيضًا فيما يخص النص تساءلت الأخت الدكتورة جهاد الفاضل حول لماذا لم نتفق مع مجلس النواب في تحديد الحدين الأدنى أو الأعلى من العقوبة سواء بالحبس أو بالغرامة، ومن خلال الجدول أرى أن هناك اتفاقًا بين لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى ومجلس النواب في التعديل الذي أجرته على النص. الشيء الآخر، أعتقد أن ترك النص بهذه الطريقة بدون تحديد فيه من وجاهة، حيث تُرِكَ الموضوع لسلطة القاضي التقديرية؛ لأنه من يقدر موضوع الجسامة. تفضل معالي وزير العدل وذكر أن هناك أحيانًا مساحة ضبابية ما بين إدراك الطبيب أن هناك شبهة وبين الامتناع، وهذا يحدده القضاء من خلال التحقيق ومن خلال ملابسات كل قضية، وأيضًا إذا رجعنا إلى المادة (54) من قانون العقوبات فيما يتعلق بالحبس، فقد نصت على أن الحبس لا يقل حده الأدنى عن 10 أيام ولا يزيد حده الأقصى على 3 سنوات ما لم ينص القانون على غير ذلك. وأيضًا بالنسبة إلى الغرامة في المادة (56) لا تنقص عن دينار ولا يزيد حدها الأقصى في الجنح على 500 دينار مع عدم الإخلال بالحدود التي بيّنها القانون لكل جريمة، أي أن هذا النص فيه مرونة، ولكننا لو تمسكنا بالنص الذي جاء في المشروع أساسًا ووضع الحدود فقد نص على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين"، بينما هنا في هذه المادة جعل السلطة التقديرية للمحكمة، وأنا أعتقد أن هذه الطريقة وتمسك اللجنة باتفاقها مع مجلس النواب، هي الأفضل؛ لذلك نحن نتفق مع توصية اللجنة، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضلي الأخت نانسي دينا إيلي خضوري.
العضو نانسي دينا إيلي خضوري: شكرًا سيدي الرئيس، للتوضيح، كما بيّنت الأخت جميلة سلمان فيما يخص الغرامة فقد تركناها بيد القاضي باعتباره صاحب السلطة التقديرية بما يراه مناسبًا لكل متهم على حدة، وذلك وفقًا لحالة الجاني وظروفه وملابسات ارتكابه للجريمة؛ لأنه يدخل ضمن السلطة التقديرية، وشكرًا.
الرئيــــس: شكرًا، تفضل الأخ الدكتور أحمد سالم العريض.
العضو الدكتور أحمد سالم العريض: شكرًا سيدي الرئيس، أعتقد أن هناك لبسًا في هذا الموضوع بالنسبة إلى ممارستنا لعملنا الطبي. التغيير الذي اقترحه مجلس النواب بتغليظ العقوبة والحبس، أعتقد أنه حصل فيه الكثير من اللبس لأن عمل الطبيب هو إنقاذ هذا المريض سواء كان في الإسعاف أو في الطوارئ أو في الأجنحة، فكل الأطباء أقسموا على إنقاذ هؤلاء المرضى. موضوع الشبهة في عدم الإبلاغ، معظم الأطباء يعرفون أنه عند الشك هناك طب شرعي في جميع المستشفيات، فنبلغ الطبيب الشرعي لأخذ قراره في هذا الموضوع والكشف وإعطائنا النتائج. عندما يأتيني مريض عنده هبوط في الجهاز الدوري نتساءل: هل تناول أدوية مخدرة أو هي حالة انتحار؟ وهل هو ناتج عن هبوط في القلب؟ وهل هو ناتج عن هبوط في الكلى؟ وهل هو ناتج عن وجود سوائل؟ الكثير من الأشياء تعرض على الطبيب، وهدف الطبيب الأساسي هو إنقاذ هذا الإنسان، ويخبر الطب الشرعي في المستشفى أن هذا الهبوط يمكن أن يكون نتيجة لأدوية أو غير ذلك، وعندها يتدخل الطب الشرعي، وطب التخدير يتدخل في الطوارئ للقيام بالكشف على الجروح، كل هذه الأشياء مثبتة. مقررة اللجنة تقول جريمة، أي جريمة يمارسها الممارس الطبي؟ هنا ليست جريمة! هو يقوم بواجبه، أعتقد أن كلمات مثل "جريمة" و"تقاعس في الإبلاغ" والكثير من العبارات، هي إهانة للأطباء والممرضين والإسعاف والطوارئ، فلا داعي لقول ذلك بهذه الصورة في هذا المجال. أعتقد أن كلمة "الحبس" في هذا القانون هي إهانة للأطباء، على ماذا تحبسه؟ عدم الإبلاغ! هو من بداية دخوله المستشفى يعرف أنه يجب عليه أن يبلغ عن أي جرح يشتبه فيه إلى الطب الشرعي. الإنسان الذي يضحى بحياته لإنقاذ ــ في بعض الأحيان ــ هذا المريض يجب ألا نعامله بهذه القوانين، فهو لم يأتِ بهدف ارتكاب جريمة. أرجو الحذر من الكلمات التي قيلت، ويجب أن تُلغى كلمة "حبس". أنا مع تغليظ الغرامة كما ذكر الإخوان، أو مع توقيف الطبيب المهمل وسحب رخصته لمدة سنة، لكن لا يجب أن تذكر كلمة "حبس"، فهذه كلمة كبيرة بالنسبة إلى الطبيب؛ لذا يجب أن يعاد هذا القانون إلى اللجنة لإعادة دراسته، وشكرًا.
(وهنا تولى سعادة النائب الأول للرئيس رئاسة الجلسة)
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضلي الأخت الدكتورة ابتسام محمد صالح الدلال.
العضو الدكتورة ابتسام محمد صالح الدلال: شكرًا سيدي الرئيس، والشكر أيضًا موصول إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني. استوقفني هذا الموضوع كثيرًا، أنا مع تغليظ العقوبة، ولكن بالنسبة إلى الطبيب هناك جو خاص أو أمور قانونية خاصة أيضًا بالأطباء. قد لا أوافق بتاتًا على موضوع الحبس، إذ يمكن إيقاف الترخيص الطبي للطبيب لفترة معينة. أنا استغربت عدم وجود أو أخذ مرئيات الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، فهي المعنية بتشكيل لجان التحقيق في كل هذه المواضيع. لقد عملت في طوارئ السلمانية 17 سنة تقريبًا وكنا نلجأ في حالة الاشتباه إلى الطب الشرعي. حاليًا أيضًا لم يؤخذ رأي القطاع الخاص، إذ إن هناك صعوبة لأنه لا توجد أصلًا استمارات ولا تدريب. الآن عندما نأخذ هؤلاء الأطباء الجدد ونستوعبهم في المستشفيات الخاصة وفي المراكز الطبية، هل هم مدربون على موضوع الاشتباه؟ غير مدربين، وهم موجودون في الطوارئ حاليًا وفي كل أقسام المستشفيات. أعتقد أن الموضوع يجب أن يعود إلى اللجنة لدراسته بطريقة أفضل؛ لأن الموضوع يحتاج إلى منظومة كاملة في الطب الشرعي تدخل اليوم في القطاع الصحي إذا كنا نريد تغليظ العقوبة. أنا لا أستطيع محاسبة الطبيب لأنه لم يشتبه، هو اشتبه لكنه لا يعرف ما المطلوب فعله، فمن الضروري وجود التدريب والاستمارات. أدعو من هذا المنبر اليوم إلى تطوير الطب الشرعي عندنا في البحرين؛ لأنه لم يطور بالطريقة التي تناسب المنظومة العدلية في البحرين حاليًا، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضلي الأخت نانسي دينا إيلي خضوري.
العضو نانسي دينا إيلي خضوري: شكرًا سيدي الرئيس، أولًا الجميع يحترم مهنة الطب. فيما يخص مشروعنا اليوم. وقد ذكرنا أن التقدير يُترك للقاضي، وهناك تدرج في العقوبات. إحقاق الحق وتحقيق العدالة هو شعور من الواجب أن يكون لدى جميع أفراد المجتمع وبخاصة تجاه من تحتم عليهم مراكزهم القانونية العمل على تحقيق ذلك. ومن هذه المراكز القانونية التي يجب عليها العمل على بيان الحقيقة وتحقيق العدالة هم العاملون في المهن الصحية من الأطباء والممرضين وكذلك الذين يمارسون مهنًا طبية تمكنهم من الكشف على المريض وتشخيص حالته، فتغليظنا للعقوبة هو لتشجيع سرعة الإبلاغ خشية الوقوع تحت طائلة القانون. وبحسب القوانين الدولية عدم الإبلاغ يُعتبر جريمة، وبإمكان معالي وزير العدل الموجود معنا اليوم أن يوضح هذا الموضوع أكثر، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ فيصل راشد النعيمي.
العضو فيصل راشد النعيمي: شكرًا سيدي الرئيس، أحببت أن أوضح أن هذا مقترح بقانون رجع إلى الحكومة وقامت بالتعديل عليه بالتوافق مع مجلس النواب، أي أن كل مؤسسات الدولة المعنية به تعرفه. وهذا لا يمس الأطباء، فنحن نحترمهم ونقدرهم، وهذه مجرد عقوبة لمن يتساهل في الأمر فقط لا أكثر ولا أقل، وعقوبة الغرامة أو السجن تكون بحسب تقدير القاضي. لذا أرجو من السادة أعضاء المجلس التصويت على القانون فهو يدعم الطبيب ولا يقلل من شأنه، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ الدكتور محمد علي حسن علي.
العضو الدكتور محمد علي حسن علي: شكرًا سيدي الرئيس، والشكر أيضًا إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني على هذا التقرير الوافي. لابد من الإشارة هنا إلى أن المنظومة القضائية والعدلية في البحرين في الآونة الأخيرة تشهد تطورًا كبيرًا في العديد من التشريعات من خلال تطويرها وإحكامها. فيما يتعلق بهذا المشروع أعتقد أن الإبلاغ عن جريمة ما هو مبدأ رئيسي من مبادئ تثبيت العدالة أو تثبيت الدليل للوصول إلى العدالة في النهاية. لكن ما يتعلق بهذا الأمر في الإبلاغ عن جريمة أو اشتباه في جريمة في جسم أحد المتوفين، أعتقد أنه تحيط به الكثير من التعقيدات والظروف الطبية والعلمية وإلى آخره، فقد لا يكون هذا الطبيب مدربًا التدريب الكافي على اكتشاف أن هذا الشيء الموجود في جسم المريض الناتج عن جريمة أو جنحة أو إلى آخره، فالأمر ليس سهلًا بحيث يستطيع كل طبيب أو كل عامل في الحقل الطبي أن يتأكد من أن هذا الأمر ناتج عن جنحة أو جريمة. الأمر الآخر هو أن مشروع القانون حدد الحبس والغرامة، وأنا لدي تحفظ على موضوع الحبس كما سبقتني إلى ذلك بعض الآراء، وخصوصًا ما يتعلق بتعقيد هذا الأمر وعدم اكتشافه بسهولة، والأصل في القانون النافذ الغرامة، أما مشروع القانون الحالي فقد حدد الحبس أو الغرامة، والغرامة بحد ذاتها لم تحدد، والغالب في كثير من القوانين أن يحدد مدى الغرامة من كذا إلى كذا، صحيح أن الأخت الأستاذة جميلة سلمان بيّنت أن هذا أفضل لإعطاء مرونة للقاضي، ولكن ليس كل ما جرت عليه القوانين أن تكون الغرامة مفتوحة لهذه الدرجة. الأمر الأخير، تفضلت الدكتورة جهاد الفاضل وتساءلت حول هل هناك ظواهر واضحة أدت إلى هذا التعديل بحيث نحتاج إلى تبديل هذا النص النافذ من عشرة دنانير إلى حبس وغرامة؟ هل هناك ظواهر ملحة أدت بنا إلى هذا المشروع؟ هذه كلها تساؤلات أرجو من الإخوان في اللجنة أو الحكومة الموقرة بيانها إنْ كانت لم تُبيّن من الأساس، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، هل الإخوان في اللجنة لديهم رد على استفسارات الدكتورة جهاد الفاضل والدكتور محمد علي حسن وبالذات ما يتعلق بالإحصائيات وأسباب النظر في هذا الاقتراح وأسباب التغليظ؟ تفضل معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: شكرًا سيدي الرئيس، أولًا: نحن نتعامل مع نص كانت العقوبة فيه عشرة دنانير فقط لا غير، وهذا النص يعتبر غير متوازن مع النصوص الموجودة في قانون العقوبات التي تعاقب على عدم الإبلاغ. نحن لا نتكلم عن شخص متوفى بسبب جناية أو جنحة، من قام بالكشف عليه يجب أن يبلغ، هذا موجود في الـ(Code of Conduct) للأطباء، وإذا كان هناك شخص متوفى أو شخص به إصابة جسيمة ــ وليس الأمر وقوع شيء على رأسه ــ ناتجة عن جناية أو جنحة؛ فمن الطبيعي أن يقوم بالتبليغ، لو سنتكلم عن المبدأ فإن هذا النص موجود من سنة 1976م، إذن المبدأ موجود، ومبدأ المعاقبة على مثل هذا الشيء موجود، الآن هل جدّ جديد؟ لم يجد جديد إلا إعادة النظر في هذا الموضوع، وأتى عن طريق الإخوة النواب، وتم التوافق على تعديل النص المقترح؛ لأن الحكومة ارتأت أن عتبته عالية، لا نقول: حبس لا يقل عن سنة، الحبس أقله عشرة أيام وأكثره ثلاث سنوات بحسب القانون، والغرامة كذلك أقصاها 500 دينار، وهناك خيار بين العقوبتين، أي من الممكن أن تأتينا حالة يتم فيها توقيع العقوبة بعشرة دنانير أيضًا، ولكن النص العقابي الموجود في القانون يكون متزنًا. في الأخير الضابط الرئيسي سيكون في مسألة الـ(Code of Conduct) للأطباء، وكيف سيتعاملون في هذه المسألة، وأيضًا مسألة الإبلاغ دائمًا ستكون متوازنة مع مسألة الخصوصية، فالقانون لم يقل: قم بإفشاء خصوصية المريض الذي أمامك على الإطلاق، ولكن حددها في حالة وفاة أو إصابة جسمية ناشئتين عن جناية أو جنحة، فيجب إبلاغ السلطات العامة عن ذلك. أعتقد أن هذا سيضع نصًا متوازنًا ومرنًا، ليس معنى ذلك أبدًا التشديد، ولكن المعنى هو أن لدينا قانون عقوبات منتظمًا في نصوصه فيما يتعلق بالحالات التي قد تعرض وتستدعي أن يكون هناك تمايز في العقوبة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، نستشف أنه ليست هناك ظاهرة وليست هناك زيادة في الحالات. تفضل الأخ الدكتور عبدالعزيز حسن أبل.
العضو الدكتور عبدالعزيز حسن أبل: شكرًا سيدي الرئيس، نحن نناقش موضوعًا مهمًا جدًا، ولكن قبل أن أدخل في التفاصيل أحب أن أقول إن النقطة الرئيسية التي يثيرها هذا الموضوع هي الحديث عن السياسة التشريعية، فما هي السياسة التشريعية المتبعة اليوم؟ دائمًا يقول الإخوان إن هذا التعديل يخالف السياسة التشريعية إذا كان الموضوع لا يتفق معانا أو لا يتفق مع رأي اللجنة، ثم نقول إن السياسية التشريعية كذا وكذا، حسنًا، لنسأل الآن عن السياسة التشريعية التي لدينا. معالي الرئيس، لدينا قانون الصحافة وهو يثير ضجة كبيرة وكلنا نرفضه وفيه حبس الصحفي، والصحفي يقوم بالتعبير عن رأي، وهذا الأمر موجود، حيث يصل إلى حبس الصحفي، وأعتقد أن الجميع يقول: من غير المعقول أن يُحبس صحفي لمجرد تعبيره عن رأيه، من المفترض أن يُحبس في حالة السب أو القذف بحسب القانون، اليوم نحن نقول: يُحبس الطبيب أيضًا، وأنا أتفق مع الإخوان الذين قالوا إن هذه جريمة بالفعل، فلا يليق أن نقول إن الأطباء ــ الذين امتدحنا كل أعمالهم في حماية صحة المواطنين ــ يمكن أن يُجرموا، وما نتحدث عنه ليس جريمة الطبيب، بل الطبيب رأى حالة قد تكون جريمة أو شروعًا في جريمة، وهو لم يقم بالتبليغ أو إخبار أحد بها. في جلسة سابقة بعض الإخوان وأنا من بينهم رفضنا حبس من يمنع الزيارة، وكان الوزير يشجع على حبسه، ونحن رفضنا وأنا من الذين صوتوا ضد هذا الموضوع؛ لأنه لا يُعقل أن من يمنع الزيارة يُحبس، فهذا يُدمر أكثر مما يُعمر. أيضًا من سياستنا التشريعية أننا قبل فترة ألغينا الحبس عن المدين، أين السياسة التشريعية؟! هل نتساهل في بعض الأمور ونتشدد في أمور أخرى؟! أنا شخصيًا أصبحت أرى أن هذه السياسة انتقائية، ففي بعض الأحيان نشدد، واليوم نشدد على الطبيب، صحيح أنه مقصر، حيث قصر في الإدلاء بمعلومات أو توجيه معلومات أو الإشارة إلى حدث معين، هذا تقصير، والتقصير له عقوبات إدارية، ويمكن وقفه ــ كما ذكر الدكتور أحمد العريض ــ أو إلغاء ترخيصه، إذا كان بالفعل متقاعسًا أو شريكًا نوعًا ما في المسألة، يُلغى ترخيصه، وهذه عقوبة أشد عليه من الحبس، ولكن الحبس فيه إهانة، فقط لأنه لم يُخبر أحدًا، لم يُبلغ عن شيء! يجب أن يكون هناك منطق، ليس في المجلس فقط بل أمام العالم، فأين تتجه سياستنا التشريعية؟ هل تتجه نحو التشدد في كل شيء أم التساهل في كل شيء؟ كيف أقارن بين حالة التساهل في حقوق الناس المالية والبحث عن مصادر وأستعين بآخرين للحصول على المصادر لاسترجع الأموال، وبين حالة طبيب لم يُخبر أحدًا ولم يُبلغ وأُعاقبه؟ هذا الأمر الذي فيه عدم توازن، إذا كانت الدنانير العشرة ليست منطقية وأقر ذلك في عام 1976م فلنقم بزيادتها، اضغط عليه في هذا الاتجاه بأنك إذا لم تُخبر فسيكون المبلغ مائة أو ألف أو ألفين، ليس هناك خلاف في ذلك، فالغرامة ــ وسيأتي إلينا القانون ــ قد تصل إلى مائة ألف وقد تصل في بعض الحالات إلى عشرين ألفًا في قانون الشركات التجارية. لابد أن يكون هناك منطق، وأرى أننا في بعض الأحيان نقيس قياسًا انتقائيًا، ففي بعض الأحيان نشدد وفي أحيان أخرى نتساهل، والقانون لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة. بأمانة أرى أن يُعاد التقرير إلى اللجنة، حتى الحكومة الموقرة عندما رأت أن الحبس سنة اقترحت أن نجعل العقوبة إما حبس وإما غرامة، وهذا تخفيف؛ لأن الحكومة ترى بشكل منطقي أننا سنضع الأطباء تحت ضغط غير منطقي. معالي الرئيس، أدعو الإخوة في المجلس إلى أن ينظروا إلى الموضوع بحيث لا نرسل إشارات غير إيجابية إلى قطاع مهم جدًا وقف على قدميه طوال فترة سنتين لحماية البحرين، ونُرسل إليه في نهاية المطاف ما يفيد بأنك لم تُخبر عن حدث، ومن أجرم ليس هو الطبيب، وحتى تعبير جريمة أو جنحة أو جناية لا ينبغي أن يذكر هنا، صحيح أن الطبيب أخطأ بأنهُ لم يُخبر ولكن ليس هو المعتدي، هي حالة أتت إليه في الطوارئ، ومستقبلًا أي طبيب يمكن أن يقول: لا أريد العمل في الطوارئ بسبب ذلك، هذا غير منطقي. إذا لم يعد التقرير إلى اللجنة فحتمًا سوف أصوت ضد مشروع القانون، لأني غير مقتنع بهذا الموضوع، وأقترح أن يعاد التقرير إلى اللجنة حتى يكون هناك بدائل للعقوبة، وتكون العقوبة زيادة الغرامة أو الوقف عن العمل أو حتى يمكن أن تصل إلى شطب الترخيص، وهذا سيكون أفضل بكثير من أن نوافق على حبس طبيب ونحن في الأساس نرفض حبس الصحفي، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضلي الأخت نانسي دينا إيلي خضوري مقررة اللجنة.
العضو نانسي دينا إيلي خضوري: شكرًا سيدي الرئيس، فيما يخص عدم الإبلاغ عن وجود إشارات ودلائل على شخص توفي، هذا يعتبر جريمة؛ وإذا كان هناك شخص لم يُخبر الجهات المعنية عن وجود هذه الإشارات أو الأمارات أو الدلائل فيجب تغليظ العقوبة لأن هذه فعلًا تُعتبر جريمة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ فؤاد أحمد الحاجي.
العضو فؤاد أحمد الحاجي: شكرًا سيدي الرئيس، نحن اليوم نناقش موضوع يخص سير العدالة، ومع احترامي واحترام المجتمع كله للأطباء في البحرين وتقديرنا لدورهم الذي قاموا به خلال السنتين الماضيتين ودور كل الطواقم الطبية والطواقم المساندة، فإن مناقشتنا مشروع القانون لا تعني الانتقاص منهم أبدًا، وإنما لسير العدالة لابد أن يكون هناك توضيح ولابد أن يكون هناك عقاب رادع للتستر، وقد تكلمنا عن طبيب معاين وهناك دلائل وظواهر تشير إلى أنه حدثت الوفاة لأسباب يُشتبه فيها وهي ليست أسبابًا طبيعية، فالطبيب المعاين إذا كان في أحد مستشفيات الدولة ــ مثلما تفضل الإخوة الأطباء هنا ــ يطلب رأي الطبيب الشرعي، أي طبيب التشريح، وهذا له الرأي الفصل في الأمر. والمستشفيات الخاصة إذا لم تُدرب أطباء لمعاينة مثل هذه الأمور فعليها من اليوم أن تُدربهم؛ لأن الرسوم التي تتقاضاها هي رسوم باهظة، وأي أحد يقوم بجلب شخص إلى مستشفى خاص في حالة وفاة أو إصابة ويعلم أنه ليس لديهم طبيب شرعي وطبيب مختص حتى يتهرب من المساءلة القانونية أو سير العدالة؛ فعلى المستشفى أن توفر الطبيب الشرعي، وتقوم بتدريب أطباء على معاينة مثل هذه الأمور. سيدي الرئيس، قديمًا لم يكن لدينا في البحرين إلا المستشفيات الحكومية ومستشفى خاص واحد كبير، وكانت كلها تحت الإشراف المباشر للدولة من قبل أطباء وممرضين وكوادر طبية وأطباء شرعيين فيها، واليوم انفتح الاستثمار وأصبحت هناك مستشفيات ومصحات استثمارية، فلابد من الانتباه لهذا الأمر، والطبيب شخص مثله مثل أي شخص يقع تحت طائلة القانون، وإذا أردنا أن نحمي المجتمع فما الفرق بين الطبيب والمهندس الذي بخطئه أو بالغش في المبنى سقط المبنى وقتل من فيه، لابد أن يحبسوه ويغرموه، ما الفرق بينه وبين الطبيب؟! لنكن منطقيين في تناولنا لمشروع اللجنة وما أتت به ووافقت عليه. لا يوجد انتقاص أو إهانة لأي طبيب، هناك رأي يقول كيف تثبت هذا الأمر؟ لصعوبة إثبات أن الطبيب أصدر شهادة الوفاة أو عالج المصاب وهو يعلم يقينًا أن هذا ليس حادثًا عرضيًا، كأن يكون الشخص مصابًا بطعنات أداة حادة أو غيرها، هناك جهات مختصة في الدولة مثل: المباحث الجنائية، ومسرح الجريمة، والطب الشرعي الخاص بالمباحث الجنائية، كلهم مؤهلون ومتخصصون، درسوا في أفضل المعاهد والجامعات في العالم؛ والموضوع مطمئن من هذه الناحية، فماذا يضيم الطبيب أو العاملون في الكادر الطبي؟! أنا مع توصية اللجنة، ومع ما جاءت به حين تركت الخيار واسعًا، مع أننا في هذا المجلس أعدنا عدة مشاريع بقوانين إلى اللجان لعدم وجود حد أدنى وحد أعلى للعقوبات، وهنا حفاظًا على كرامة هذه المهنة ومزاوليها اكتفينا بالحبس أو الغرامة وتركنا لقاضي الموضوع تحديد العقوبة بحسب ما يرى من تقارير ملابسات القضية. ونحن في هذا المجلس ــ وأنت أدرى يا سيدي
الرئيس ــ كنا نقول إن عدم وضع حد أدنى وحد أعلى للعقوبة يُعدُّ خطأ جسيمًا في التشريع، بينما نحن متفقون هنا ــ كما قلت ــ كون هذه المهنة النبيلة أقسم فيها أبقراط على حماية أرواح الناس، وهو ما جعل لها هذه الخاصية في هذا القانون. وأكرر أن الطبيب إنسان كأي إنسان يُصيب ويُخطئ من دون قصد، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل سعادة السيد غانم بن فضل البوعينين وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب.
وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب: شكرًا سيدي الرئيس، وشكرًا على هذا النقاش الطيب الذي سيفضي إن شاء الله إلى اتخاذ القرار المناسب في هذا الموضوع. أخي الرئيس، إخواني وأخواتي، هناك أكثر من تساؤل أحببت أن أبيّن الرأي فيه. أولًا كان هناك تساؤل حول لماذا لم يؤخذ رأي الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية والجهات الأخرى؟ ونقول: على العكس كل هذه الجهات رأيها موجود من خلال مرئيات وزارة الصحة ومرفقة مع هذا التقرير؛ وقد خلص رأي وزارة الصحة إلى ــ وسأقرأ فقط نهاية الرأي ــ التالي: "لما كان ذلك، وكان تقرير مدى التناسب بين العقوبة المقترحة والجرم المُرتكَب، بحيث تتوازن العقوبة مع الجريمة بدون إفراط ولا تفريط، أحد المبادئ المهمة في علم الجزاء الجنائي، وأحد موجهات السياسة الجنائية الرشيدة، وهو ما يخرج عن اختصاص وزارة الصحة..."، فذهبت الوزارة إلى أن هذا خارج عن اختصاصها لأنها متعلقة بمدى توازن العقوبة مع الجرم، ثم يضيف رأي الوزارة: "... وينعقد للجهات التي تقوم على تطبيق وإنفاذ قانون العقوبات"، ويمثل هذه الجهات أمامنا حاليًا معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف. الملاحظة الأخرى كانت منصبة على عقوبة الحبس، طبعًا عقوبة الحبس في حدها الأدنى تصل إلى عشرة أيام، في حين أننا لو أخذنا ــ أقل شيء ــ ثلاثة قوانين من القوانين المقارنة في دول مجلس التعاون تحديدًا فسنجد أن القانون الإماراتي يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم، فجعل الحد الأدنى سنة، بينما في البحرين يُمكن أن يحكم القاضي بعشرة أيام أو أسبوع أو أسبوعين أو شهر على سبيل المثال، هذا في الإمارات. القانون العماني يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ــ وكما قلت عندنا يمكن أن يكون الحد الأدنى عشرة أيام فقط ــ ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ريال عماني. القانون القطري يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف ريال؛ هذه هي القوانين المقارنة، ليس هناك تخيير ولكن يقترن الحبس بالغرامة، وفي القانون الإماراتي والقانون القطري استعمل لفظ "الحبس"، وفي القانون العماني استخدم لفظ "السجن" وليس "الحبس". هذه هي المقارنة بين القوانين، والعقوبة الأقل في مجلس التعاون عندنا في البحرين. الأمر الآخر، يا أيها الأخوات والإخوة لم يصم أحد الطبيب بالإجرام مطلقًا، لم يرد ذلك في القانون ولا في الهدف من القانون ولا حتى في الأوراق المرفقة، لنقرأ النص بهدوء، فالنص يقول: "يُعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ــ فهناك تخيير ــ من قام أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية بالكشف على شخص متوفى..."، شخص متوفى ونريد أن نعرف سبب الوفاة، ويتابع النص: "... أو بإسعاف مصاب بإصابة جسيمة وجدت به علامات تشير إلى وفاته أو إصابته من جناية أو جنحة، أو إذا توافرت ظروف..."، ولنقف عند قضية الإصابة الجسيمة، وعند الوفاة، ألا نريد أن نصل إلى معرفة من هو الفاعل؟! لن نستطيع الوصول إلى الفاعل إلا من خلال إبلاغ الطبيب الجهات المختصة، عندها يبدأ التحقيق في الموضوع، ولكن لو أنهينا الموضوع وأصدرنا شهادة الوفاة ودفن الميت ــ رحمة الله على الجميع ــ فلا أعتقد أننا سنصل إلى الحقيقة، ولن نؤمّن العدالة الناجزة للمعتدى عليه أو ذويه إلا من خلال إبلاغ الطبيب الجهات المختصة، وعندها يبدأ التحقيق، وعندها نصل إلى الحقيقة؛ لذلك يجب أن نحفز الطبيب، ويجب أن نردع أي ممارسة يمكن أن تقف في وجه العدالة من خلال إيقاع عقوبة، وكما قلت القوانين عند إخواننا في مجلس التعاون موجودة، بل إن هذا الأمر موجود في قانون الإمارات منذ عام 1987م، أي أنهم سبقونا منذ أكثر من 30 سنة بوضع هذه العقوبة الواضحة. هذه العقوبة واردة في كل القوانين المقارنة، وكما قلت لم نصم الطبيب بالإجرام، ولكن قلنا بضرورة إبلاغ الطبيب الجهات عن هذه الإصابات وتحديدها، وطبعًا بحكم خبرته لا شك أنه يعرف الإصابة الجسيمة، ويعرف الكسور والرضوض والنزيف وخلاف ذلك، هذه الأمور معروفة عند الطبيب بداهة، فأعتقد أن هذه بداية تحقيق العدالة لجميع الأطراف، من خلال إبلاغ الطبيب المعني الجهات المختصة، فيجب أن تُحدد عقوبة لمن يتقاعس عن الإبلاغ، فكأنّ الطبيب ــ كما تفضل الأخ فؤاد الحاجي ــ هنا نكث بقسمه، الطبيب أقسم أن يؤدي عمله بإخلاص كما أقسمنا جميعًا عند تولينا المهام، وطبعًا لذلك تبعات، ولا أعتقد أن هناك طبيبًا يُمكن أن يتقاعس عن الإبلاغ، ولكن التشريعات والقوانين هي ضرورة من ضرورات استدامة الحياة واستقامتها، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ علي عبدالله العرادي.
العضو علي عبدالله العرادي: شكرًا سيدي الرئيس، بداية بصفتي أحد أعضاء اللجنة، أنا بالتأكيد مع هذا التعديل ومع تقرير اللجنة. معالي الرئيس، قبل أن أدخل في الفكرة من هذا القانون أتصور أن التحية واجبة لكل العاملين في القطاعات الطبية في مملكة البحرين، ليس فقط على دورهم المتميز أثناء الجائحة، ولكن على ما يضطلعون به من دور مهم ومتميز، وهم صراحة محل فخر واعتزاز مني شخصيًا وبالتأكيد من الجميع، وكذلك أعضاء اللجنة محل تقدير واعتزاز؛ الفكرة في هذا القانون أن هناك عقوبة، وهذه العقوبة متعلقة ــ بشكل بسيط ــ بعدم الإبلاغ، بمعنى أن الطبيب أو غير الطبيب العامل في الحقل الطبي أو الصحي أثناء الكشف على شخص اكتشف أو لاحظ أن حالة الوفاة أو الإصابة ناتجة عن فعل جرمي، هذا الفعل قد يكون جناية أو جنحة، بمعنى أن هذا النص لا يستهدف الطبيب باعتباره طبيبًا، ولكنه يستهدفه باعتبار أن ظروف العمل أتاحت له الفرصة لأن يرى ويكشف ويطلع على أن هناك بعض المعلومات أو بعض الأمارات أو الإشارات تدل على أن هذه الإصابة أو الوفاة ناتجة عن جريمة أو جناية. وبالتالي الجواب عن سؤال: هل هناك استهداف للطبيب أو للكوادر الصحية والطبية؟ هو: لا. الأمر الآخر، في قانون العقوبات هل هناك مواد أخرى تعاقب بالعقوبة ذاتها على عدم الإبلاغ؟ الجواب: نعم، وأذكر نفسي وأصحاب السعادة بالمادة 141 والمادة 158 والمادة 221 والمادة 238، كل هذه المواد تعاقب بالغرامة أو بالحبس كل من لا يبلّغ عن جريمة أو عن جناية وغير ذلك، وبالتالي فهذا التعديل ليس تعديلًا غريبًا على قانون العقوبات؛ هذا التعديل يتصل بالسياسة العقابية، ويتصل أكثر بالسياسة الجنائية لمملكة البحرين ــ ببساطة شديدة ــ التي تقوم حاليًا على مبدأ مهم، وهو مبدأ تحديث القوانين لكي تتواءم مع المرحلة التي نحن فيها. هناك سؤال: لماذا لم تطلب اللجنة رأي الجهات الصحية؟ سعادة وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب أفاد عن الجانب الحكومي، بمعنى أن وزارة الصحة ضمنت في رأيها كل الجهات أو القطاعات الحكومية، وهذا الرأي موجود في تقرير اللجنة، ولكن لماذا لم تقم اللجنة كذلك بأخذ رأي القطاع الخاص، نعني المستشفيات الخاصة وغير ذلك؟! نحن لا نناقش مادة لها علاقة بالقوانين الطبية أو بالتأمين الصحي، نحن نناقش مادة لها علاقة بالإبلاغ في قانون العقوبات، وبالتالي بخصوص هذه المادة أتى إلينا رد من الحكومة الموقرة من هذه الجهات بأنها ليست ذات اختصاص، وأبدت اعتذارها كما أوضح سعادة وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب، ونحن نتكلم عن مادة لها علاقة بالإخلال بالعدالة والمساس بالحق العام، وهي موضوع الإبلاغ مع كامل الاحترام والتقدير طبعًا. الآن، هل يُمكن أن يرتكب الطبيب جريمة؟ نعم، المحامي يُمكن أن يرتكب جريمة، والطبيب يُمكن أن يرتكب جريمة، والمحاسب يُمكن أن يرتكب جريمة، ولكن هل المقصود من هذا القانون أن نجرّم الطبيب؟ بالطبع لا، المادة واضحة وتقول: "من علم أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية..."، وقد ذكرت قبل قليل مواد أخرى تُجرِّم عدم الإبلاغ، ولم تفرق هذه المواد بين الطبيب أو المهندس أو العامل أو غير ذلك؛ عدم الإبلاغ هو جريمة تمس الحق العام. ولأن الطبيب أثناء مزاولة مهنته، ولأن العامل في القطاع الصحي أو الطبي بمجرد عمله وبسبب مهنته قد يطّلع على هذا الأمر، ونحن واثقون من أن الأطباء والعاملين في القطاعين الصحي والطبي سيبلغون، ولا يوجد افتراض لسوء النية، ولكن هذه مادة تتواءم مع المواد 141 و152 و221 و238. أزيد على ذلك، أحد الزملاء أشار إلى أننا يجب ألا نحبس الطبيب، طبعًا نحن لا نهدف إلى حبس الطبيب، نحن نفتخر بالأطباء وبالعاملين في القطاعات الصحية والطبية، المادة 237 من قانون العقوبات تقول: "يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنين الطبيب أو القابلة إذا طلب أو قبِل لنفسه أو لغيره..."، هذه مادة واضحة تخاطب الطبيب والقابلة، وهي مادة لا يوجد فيها غرامة، بل فقط حبس، ما أريد أن أقوله هو أن السياسة العقابية المقصود بها من أخّل بالقانون أو من ارتكب فعلًا جُرميًا، ولا يوجد أي استهداف لقطاع معين لأننا جميعًا مواطنون ومقيمون، ومطلوب أصلًا عندما نرى أن هناك جريمة أو جناية أن نبلغ عنها، فإذا كنت مُحاسِبًا، ولأني محاسب اطلعت على وجود جريمة، أو لأني محامٍ رأيت معاملة معينة أو تحويلًا معينًا قد يكون فيه شبهة غسل أموال فيجب أن أبلغ السلطات، وهذا موضوع له علاقة بالسياسة العقابية. هناك أيضًا سؤال يتعلق بدور الطب الشرعي، ومع كامل الإشادة والاحترام للطب الشرعي، وهو يضطلع بدوره ــ وهو دور مهم ــ ولكن الطب الشرعي ليس هو المخاطب هنا، ولا أتصور أن هناك طبيبًا شرعيًا في المستشفيات الحكومية والخاصة. أشار سعادة العضو فؤاد الحاجي إلى أنه عندما تم إصدار هذا القانون في البداية كان لدينا مستشفى حكومي رئيسي ومراكز صحية وربما مستشفى خاص أو مستشفيين، بينما البحرين الآن تستثمر في القطاع الصحي وتطمح إلى أن تكون ضمن الدول التي تستقطب الاستثمارات الصحية، وأهم ما في ذلك أن لدينا طبيبات وأطباء يشار إليهم بالبنان، وبعضهم أعضاء لدينا هنا، ولهم كل الاحترام والتقدير، وهم أصحاب سمعة طيبة، ليس فقط في البحرين وإنما على المستوى الخليجي وعلى المستوى الدولي، وأعتقد أن أهم مقومات الاستثمار في القطاع الطبي هو وجود من نفتخر بهم، سواء داخل هذا المجلس أو خارجه. ولأن هذا القطاع صار أكبر أصبح من الواجب كذلك أن يلتحق بغيره من القطاعات الأخرى ــ وسأحاول ألا أطيل ــ في أن تتم مراعاة تطوير تشريعاته. هناك أيضًا سؤال عن موضوع ظروف العمل، وقد أجبت عنه قبل قليل. وهناك موضوع آخر يتعلق بهل يستهدف هذا التشريع الطبيب؟ لا، التشريع يتحدث عن الكوادر الطبية والصحية، ويتحدث كذلك عن ظروف العمل. وهناك سؤال آخر حول هل يتعارض هذا القانون مع باقي القوانين بمعنى أن هناك تجريمًا مباشرًا؟ والجواب: لا يتعارض، هذه هي السياسة العقابية لمملكة البحرين، والبحرين تطمح إلى أن تكون سياستها وأنظمتها العقابية حديثة. مع كل الاحترام ــ بالتأكيد ــ والتقدير هذا القانون لا يستهدف الطبيب، هو يتكلم عن عدم الإفصاح عن جريمة مع العلم بسبب وظيفة الذي يعمل في القطاع الطبي أو في القطاع الصحي، لا أكثر من ذلك، وطبعًا أنا بالتأكيد مع القانون ومع تقرير اللجنة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ جمعة محمد الكعبي.
العضو جمعة محمد الكعبي: شكرًا سيدي الرئيس، والشكر موصول إلى رئيس وأعضاء اللجنة الموقرين. أنا مع التعديلات التي أجرتها اللجنة الموقرة توافقًا مع مجلس النواب في تغليظ العقوبة على الكادر الطبي، حيث نلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد الأخطاء الطبية، ومنها عدم التبليغ عن كل ما وصلت إليه حالة المصاب أو المتوفى من أخطاء وإخفاء الحقيقة، وعليه أوافق على قرار اللجنة الموقرة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضلي الأخت دلال جاسم الزايد.
العضو دلال جاسم الزايد: شكرًا سيدي الرئيس، أود فقط الإجابة عن عدد من الأمور التي تم التطرق إليها، وأحب أن أوضح شيئًا مهمًا، نحن نتكلم عن جريمة ــ كما أوضحنا سابقًا ــ من الجرائم السلبية، بمعنى الامتناع عن تصرف كان من الواجب القيام به. مثلما أشار الأخ علي العرادي هناك جملة من النصوص الموجودة سواء في قانون العقوبات أو أيضًا في القوانين الخاصة مثل قانون الطفل، وقانون العنف، وقانون غسل الأموال، كلها تضمنت نصوصًا تشير إلى أن من نما إلى علمه بحكم وظيفته أو معرفته أو علمه وقوع أي فعل مُجرَّم بموجب القانون وامتنع عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات عُدَّ ذلك فعلًا مخالفًا للقانون، وما نناقشه اليوم ليست العبرة فيه بصفة مُرتكِب هذا الفعل، وإنما هو مُتعلق بالفعل المُرتكَب، سواء كان المُرتكِب طبيبًا أو ممرضًا أو مسعفًا، فصفته ليست هي التي تُبنى عليها النصوص العقابية، بل تُبنى النصوص العقابية على الأفعال وماهيتها، هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية، لو استقرأنا هذا النص فسنجد أن هذا القانون نافذ منذ إقرار ووجود قانون العقوبات البحريني، والمختلف عليه هو فقط تقرير هذه العقوبة. اليوم عندما نترك للقاضي الجنائي مسألة تحديد الجريمة بأنها جنحة، وأن العقوبة المقررة الحبس أو الغرامة أو كلاهما، فلا ضير إذا لم ينص المشرّع على الحد الأدنى والحد الأعلى وقيمة الغرامة المقررة، لأن هذه تخضع لمبدأ خاص في سلطة القاضي، وأيضًا يحكمها مبدأ تفريد العقوبة وفق ما يراه القاضي من ملابسات مصاحبة لظروف الدعوى، وظروف الفعل الجنائي المُرتكَب، فقد يتشدد القاضي في العقوبة عندما يرى أن ظروف الدعوى تستوجب ذلك، ويأخذ بالحد الأدنى منها عندما يرى ويقرر ذلك وفق ما يُعرض عليه. الأمر الآخر معالي الرئيس، ينبغي في المقابل أن نرى كيفية بناء هذا النص، أولًا: حدد صفة الشخص الذي سيُساءل بموجبه، وهو إما الطبيب وإما المسعف الذي يُسعف الشخص. ثانيًا: قال النص: "إذا وَجَدَ أثناء فحصه..." بمعنى أنه قام بإجراءات فحص ومعاينة هذا الشخص، سواء كان متوفى أو مصاب إصابة جسيمة، بمعنى أنه عاين هذا الشخص. ثالثًا: يضيف النص: "... تبين له وجود دلائل تدل على وجود شبهة جنائية"، ولا نتكلم عن الأمور المخفية في جسم الشخص، بل نتكلم عما هو بارز وظاهر للعيان بحيث يُستدَل مُباشرة على أن هذا الشخص مصاب. ما هي أهمية إبلاغ السلطات العامة؟ أهمية الإبلاغ تأتي من أنه إذا كان هذا الأمر ناتجًا عن جريمة ــ كما شرحت في البداية ــ وإصابة الشخص أدت إلى وفاته، ففي هذه الحالة من المهم أن يخضع هذا الشخص للفحص لجمع الاستدلالات، والإبلاغ والانتباه إلى أن الشخص لم يمت ميتة طبيعية، بل مات نتيجة قيام فعل من شخص آخر، فهذا الإجراء يكون عاملًا مساعدًا وأساسيًا لتحقيق العدالة وأن يقدم إلى المحاكمة من ارتكب هذا الفعل الجنائي، ولا يمر من دون أن تؤدي الجهات المختصة دورها. وقد أسلف وزير العدل في كلامه أن السلطات العامة يُمكن لإدارة المستشفى إبلاغها من خلال مركز الشرطة أو النيابة العامة، فكل هذه الأمور ضمن مرحلة جمع الاستدلالات والوقوف على الأدلة، وخاصة في حالة الوفاة، فهذه الأمور تفيد السلطات المختصة بالمعاينة ووجود تقرير طبي شرعي قبل أن يتم دفن هذا الشخص، حتى لا نلجأ إلى أمور وإجراءات مثل نبش الجثة واستخراجها، وأمور أخرى لا تخدم الصالح العام لمن وقع عليه أي فعل إجرامي. في النهاية معالي الرئيس، أنا مع توصية اللجنة، ولا أوافق من ذهب إلى طلب إرجاع التقرير إلى اللجنة، باعتبار أن اللجنة كان نطاق اختصاصها هو تقرير هل ستأخذ بهذا المبدأ، أعني مبدأ الحبس أو الغرامة من دون أن يكون هناك تحديد لحد أدنى أو حد أعلى، ونحن متوافقون في هذا مع اللجنة. الأمر الآخر أنه نص لا يستهدف نهائيًا الطبيب أو المسعف، بل هو مقرر لحماية الطبيب والمسعف حتى لا يوصم بأن هناك تسترًا أو مشاركة أو غير ذلك باعتبار أنه قام بالدور المنوط به، ولو رجعنا إلى عدد من النصوص ــ وقد ذكر الأخ غانم البوعينين النصوص الموجودة في محيط الدول الخليجية ــ فسنجد أن هذا النص هو نص امتناع، مثل نص النكول عن المساعدة، ومثل نص عدم تقديم أي بيانات من المفترض من الشخص العادي التقدم بها. وعلى مستوى الدول العربية ودول العالم رتبت القوانين عقوبات على ما يسمى الجرائم السلبية، لذلك أنا أدعم تقرير اللجنة وأرى أن لا حاجة إلى إرجاع التقرير إلى اللجنة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضلي الأخت الدكتورة ابتسام محمد صالح الدلال.
العضو الدكتورة ابتسام محمد صالح الدلال: شكرًا سيدي الرئيس، سأتناول الموضوع من جانب آخر. أنا لست مع عدم تغليظ العقوبة، بل أنا مع تغليظ العقوبة، ولكنْ هناك شيئان يجب الانتباه إليهما. أولًا موضوع الممارسة المهنية ترتبط بالترخيص، فلماذا تذهب العقوبة إلى الحبس ولا تذهب إلى إيقاف الترخيص لفترة معينة؟! لو أُخِذت مرئيات الهيئة الوطنية ــ وهي المسؤولة عن لجان التحقيق في جميع هذه الحالات مع النيابة العامة ومسؤولة عن ترخيص الأطباء ــ فأنا متأكدة أنها ستذهب إلى موضوع إيقاف الترخيص ولن تذهب إلى موضوع الحبس. الشيء الآخر، هناك أيضًا موضوع التدريب، وقد ذكرت هذا سابقًا، موضوع التدريب مهم جدًا، فحتى أحقق العدالة يجب أن أوازن بين موضوع تحقيق العدالة في الجانب العدلي والقضائي والمنظومة القضائية، وبين موضوع تدريب الأطباء، فقد تكون هناك جريمة ولا يلتفت إليها الطبيب، ثم تذهب إلى طبيب آخر، ويقول هذا الطبيب أن ذاك الطبيب لا يعرف، وهذا لا يفهم، وهذا لا يعرف كيف يشتبه؛ هذا فعلًا سوف يؤثر على ممارسة الطب في الطوارئ، أعني إذا تركنا الموضوع بهذه الطريقة، وكل واحد سيقول إنه لا يريد العمل في هذا القسم. كما أن الموضوع لم تظهر فيه زيادة أعداد، ولم يأتِ بسبب وجود أشياء خاصة، أعني أن الأمور لم تتغير، بل هي مستقرة كما هي، وكل ما هنالك أنه تم تغليظ العقوبة، فلماذا لا تُغلّظ العقوبة بطريقة أخرى؟ وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ الدكتور بسام إسماعيل البنمحمد.
العضو الدكتور بسام إسماعيل البنمحمد: شكرًا سيدي الرئيس، بداية أضم صوتي إلى أصوات جميع من سبقوني بالإشادة بالكادر الطبي وجهودهم بالذات في الفترة الماضية. أما مسألة النص الموجود أمامنا اليوم فلا أعتقد ــ ولا أتصور ــ أن هناك طبيبًا مهنيًا سوف ينزعج من تغليظ العقوبة، بل على العكس سوف يكون هذا النص مشجعًا له ويعينه على القيام بدوره، والتبليغ في حال وجود شبهة في جريمة. كذلك الطبيب أولى من غيره بالتبليغ، لأنه الأقدر أكثر من غيره على تقييم الحالة ومعرفة إذا كانت هناك شبهة أو جريمة، بغض النظر عن الشخص العادي الذي لا يستطيع تقييم الحالة، لذلك وجود هذا النص سوف يعطي الطبيب نصًا قانونيًا يُعينه على القيام بواجبه المهني، والإنساني قبل ذلك. عدم وجود هذا النص معناه أن نسمح بالتهاون في التبليغ عن جريمة، ونحن نتكلم عن جريمة، لم نكن نتكلم عن معاقبة طبيب قام بدوره، بل على العكس عندما نقارن بأي مهنة أخرى، العقوبة هنا ليست عقوبة على طبيب لأنه لم يمارس عمله أو لأنه مارس عمله وأخطأ فيه، ولكن العقوبة على شخص قادر على أن يميز، وواجبه المهني أن يعرف حالة وقوع جريمة معينة ولم يُبلغ عنها بغض النظر عن تصنيف وتسمية المهنة. لذلك أتمنى النظر إلى النصوص التي تعاقب على وقوع الجريمة أو الإبلاغ عن جريمة بعيدًا عن المهنة، بل على العكس وجود شخص في مهنة معينة قادر على أن يعرف أكثر من غيره أو يُقدّر وجود شبهة جريمة ولا يقوم بدوره، هذا بحد ذاته أولى أن تشدد عليه العقوبة؛ لذلك أقول إن العقوبة لا تستهدف مهنة معينة، ولا يُفترض أن ننظر إلى النصوص ونقارنها بالمهنة، وإنما ننظر إلى النصوص ونقارنها بدرجة ومستوى الجريمة التي وقعت، هذا يجب أن يكون معيارنا، وليس تسمية وتصنيف المهنة. عندما يقوم شخص في أي مهنة بارتكاب جريمة معينة لا ننظر إلى ما هي مهنة الشخص الذي قام بالجريمة، بل ننظر إلى الجريمة بحد ذاتها، وإذا كان صاحب الجريمة في مهنة معينة يفترض أن يقوم بعكسها تمامًا فهذا يستدعي أصلًا تغليظ العقوبة، لذلك أنا مع توصية اللجنة، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ جواد عبدالله عباس.
العضو جواد عبدالله عباس: شكرًا سيدي الرئيس، والشكر والتقدير إلى اللجنة الموقرة رئيسًا وأعضاء على تقديم هذا التقرير الذي في الحقيقة استند إلى الدلائل والبراهين القانونية والموضوعية. التقرير من أوضح الواضحات في الحقيقة. معالي الرئيس، يعلم الجميع أن الطب الشرعي المراد به هو العمليات التي يقوم بها أخصائيون لتحليل الدماء وفحص البصمات والكتابات والملابس لمعرفة أصحابها، وفحص الحرائق لمعرفة أسبابها، وفحص القنابل لمعرفة مصدرها، وفحص كل ما يتعلق بأسباب الجناية أو الجريمة، وفحص حتى التراب والأحجار وما إليها مما يمكن أن يترك فيها المتهم أثرًا منه، وهذا يزود القاضي بحلقة جديدة من سلسلة الأدلة الجنائية، أو يقوي ويدعم حلقة من تتبع آثار وأسباب الجريمة، على سبيل المثال فحص الخط والكتابة، أو وجود أثر من آثار المتهم في مكان الجريمة، أو من آثار الجريمة، أو مكانها بحيث توجب الترجيح أو يوجب العلم بأن هناك جناية أو جريمة وقعت في هذا المكان. لو تسمح لي معالي الرئيس بالرجوع إلى تقرير اللجنة الموقرة، حيث ذكر فيه: "توافق رأي اللجنة مع قرار مجلس النواب بإجراء التعديل اللازم على المادة الأولى الواردة في مشروع القانون، وذلك بتعديل العقوبة في المادة رقم (231) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، وذلك للأسباب التالية: 1ــ إن تغليظ العقوبة على الممتنع عن التبليغ عن شبهات الجرائم من ممارسي المهن الطبية أو الصحية؛ سيدفع من يقوم بتوقيع الكشف الطبي على المتوفى أو المصاب بإصابات جسيمة ناجمة عن جناية أو جنحة إلى سرعة الإبلاغ خشية الوقوع تحت طائلة القانون، وبذلك سيتحقق الهدف الذي يسعى إليه مشروع القانون وهو إحقاق الحق وتحقيق العدالة، والردع العام"، هل هناك نص أفضل من هذا؟ وهل هناك نص أوضح من هذا؟ لا أعتقد أننا سنحصل على نصوص قانونية أوضح من هذه النصوص. لنكمل القراءة: "2ــ إن تعديل العقوبة المقررة للجريمة يجعلها أكثر تناسبًا وملاءمة مع الفعل المجرّم، وبذلك تتناسق مع المادة رقم (230) الواردة في الباب نفسه من القانون، التي تناولت جريمة إهمال الموظف العام في الإبلاغ عن الجرائم التي تصل إلى علمه سواء أكان مكلفًا بالبحث عن الجرائم أو ضبطها أو غير مكلف بذلك. 3ــ سيمنح هذا التعديل المحكمة الجنائية سلطة تقديرية أوسع في تقدير العقوبة المناسبة عند الحكم بالإدانة"، أعتقد أننا لن نحصل على توضيح أكثر من هذا التوضيح، وأعتقد أن النصوص القانونية متوافقة مع كل القوانين التي جاءت في هذا المشروع بقانون، ولدي إيمان كبير جدًا بأن كل قوانين وتشريعات مملكة البحرين تحترم الأطباء وتقدرهم وتساندهم وتفتخر بجهودهم في القطاع الصحي، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ الدكتور أحمد سالم العريض.
العضو الدكتور أحمد سالم العريض: شكرًا سيدي الرئيس، شكرًا لإعطائي الفرصة للمداخلة مرة أخرى في هذا الموضوع المهم. اتضح لي من خلال المناقشة أن الموضوع متحقق على أرض الواقع، فنحن نقوم بتبليغ الجهات الحكومية، وخصوصًا المستشفى في حالة وجود شبهة جنائية، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نحافظ على أسرار المهنة. أنا طبيب وهناك كثير من الأحداث تحصل والأهل يرفضون أن نكشف عنها، أو الحكومة ترفض أن نكشف عنها، هناك كثير من الأسرار التي يطلع عليها الطبيب ويجب عليه أن يحافظ على سريتها، فهناك قسم أقسمه الأطباء عند تخرجهم. هذا الأمر متحقق على أرض الواقع، والطبيب عندما يعالج المريض لا يعالجه لوحده، فهناك كادر طبي مكون من مجموعة من الممرضات والمساعدين وأطباء الأشعة، وجميعهم يساهمون في المعلومات، وكل له رأي في الموضوع، وبمجرد أن يشعر أحد من الكادر الطبي أن هناك شبهة جنائية فإنه يبلغ الإدارة فورًا، والإدارة تبلغ الطب الشرعي لتدارك الأمر ــ كما قالت الدكتورة ابتسام الدلال ــ وبالتالي الموضوع متحقق على أرض الواقع. أنا مع تغليظ العقوبة، ولكنني لست مع موضوع الحبس، فهناك غرامة، وهناك رخصة يمكن أن تُسحب، وغير ذلك من العقوبات، وكل هذه العقوبات يمكن أن تحقق الغرض، فما الداعي إلى حبس الطبيب، أو حبس الممرض، أو حبس المساعد؟ أنا أرفض هذا الأمر، لأن في الحبس إنهاء للطبيب، وإنهاء للممرض، الحبس شيء كبير، وبالإمكان معاقبة المخالف بالإيقاف عن العمل، أو بسحب الرخصة لمدة معينة. لذا أدعو مجلسكم الموقر إلى عدم وضع عقوبة الحبس في هذه المواد، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: شكرًا سيدي الرئيس، أود أن أوضح نقطتين فقط. النقطة الأولى: لدينا قيمة مبتغاة من هذا النص، والقيمة المبتغاة من هذا النص هي أن الطبيب إذا عاين شخصًا فاقدًا للوعي، وعليه آثار تدل بذاتها على وجود جريمة جناية أو جنحة، فعليه الإبلاغ، هذا ما يذكره النص، هناك علامات على الشخص تشير إلى وجود جناية أو جنحة، أو هناك متوفى وعليه علامات تشير إلى وجود جناية أو جنحة، وبالتالي يجب إبلاغ الجهات المعنية. النص يقول: "من قام في أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية بالكشف على شخص متوفى أو بإسعاف مصاب بإصابة جسيمة وجدت به علامات تشير إلى أن وفاته أو إصابته من جناية أو جنحة أو إذا توافرت ظروف أخرى تدعو إلى الاشتباه في سببها ولم يبلغ السلطة العامة بذلك...". أنا أحمي من بالضبط؟ أنا أحمي حق الشخص المصاب في حالة الاعتداء عليه، أو المتوفى في حالة إذا كانت وفاته ناتجة عن جناية أو جنحة، ومن يقوم بالكشف عليه يستطيع من خلال العلامات الموجودة على جسم المصاب أو المتوفى أن يستدل على ذلك، وبذلك يجب عليه أن يبلغ، فقط هذا هو المطلوب منه. شخص فاقد الوعي وبه إصابات، وتدل هذه الإصابات على وجود اعتداء عليه، فعلى من يعاينه أن يبلغ، ليست المسألة متعلقة بأسرار المهنة، أو بأسرار المريض، بل على العكس المسألة متعلقة بتقديم الحماية للشخص الذي تعرض للإصابة، ولذلك إذا تهاونت في العقوبة، فأنا أخفف من الحماية التي من المفترض أن تكون موجودة لهذا الشخص، لو أنا شخصيًا ــ لا سمح الله ــ أو أي شخص آخر تعرض لاعتداء، فيجب أن يكون هناك شخص مؤتمن يقوم بالفحص، والتبليغ في حالة وجود شبهة اعتداء أو جناية أو جنحة، ويقول إن هذا الشخص تم الاعتداء عليه نتيجة إشارات واضحة على جسده تبين هذا الاعتداء. نحن نحمي الناس، ونحمي أيضًا الطبيب الذي يقوم بالفحص، ونحمي القيمة الطبية في هذا الشأن. لو جعلنا العقوبة غرامة فقط كما هو قائم في الوضع الحالي، فالوضع الحالي الــ(Code of conduct) للأطباء قائم، ولم نشكك فيه، بل على العكس الــ(Code of conduct) سيكون له مجال أكبر لحماية هذه الممارسة ممن يخرج عليها، في أي (Code of conduct) بالنسبة إلى الأطباء موجود أنه في حالة وجود علامات على الشخص سواء كان متوفى أو مصابًا أو فاقدًا للوعي، فعليه أن يبلغ، هذا الإجراء اللازم والمتبع في العالم. الجزاء ثلاثة أنواع، إما أن يكون جزاء جنائيًا، وإما أن يكون جزاء مدنيًا بالتعويض، وإما أن يكون جزاء إداريًا أو تأديبيًا من خلال المنع من مزاولة مهنة الطب أو غيره. نحن نتكلم عن قانون العقوبات في الجزاء الجنائي، ولذلك أرجو أن يتفهم مجلسكم الموقر أن مسألة العقوبات فيها مجال للسلطة التقديرية، ولكن لم تهدر قيمة أن يكون هناك إبلاغ عن شخص توفي نتيجة جناية أو جنحة، وكما قيل على سبيل المثال: متوفى تم دفنه، ونتيجة وجود شبهة جنائية لم يتم الإبلاغ عنها، اُضطر لإخراجه من قبره وفحصه مرة ثانية، وهذه المسألة مختلفة تمامًا عن الطب الشرعي، الطب الشرعي يأتي لاحقًا، هناك أجهزة للطب الشرعي سواء الموجودة في النيابة العامة أو في وزارة الداخلية تتعامل مع مسألة التشريح أو مسألة تقرير الإصابة وغيرها، بينما هذه مسألة مختلفة، فنحن نتكلم فقط عن طبيب أو مزاول لمهنة صحية مختص بالكشف، ووجد شخصًا به آثارًا وإصابات تشير إلى حدوث جناية أو جنحة، أو متوفى عليه علامات وهذه العلامات تشير إلى حدوث جناية أو جنحة، وبالتالي عليه الإبلاغ، فقط لا غير، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، تفضل الأخ علي عبدالله العرادي.
العضو علي عبدالله العرادي: شكرًا سيدي الرئيس، سأحاول أن أختصر قدر الإمكان في الرد على بعض الأسئلة. السؤال الأول: لماذا لم يتم تضمين سحب الترخيص في هذه المادة المقترحة؟ الترخيص الطبي تعالجه قوانين أخرى، ونحن هنا نناقش مواد في قانون العقوبات، وبالتالي الترخيص يفترض أن تعالجه قوانين أخرى، وبالمثل أيضًا إذا ثبت أن هناك طبيبًا أو شخصًا يعمل في مهنة طبية أو صحية وارتكب جناية أو جنحة، فإن الجهة التي يعمل بها لديها لائحة قوانين خاصة بشؤون الموارد البشرية إن كان قطاعًا عامًا أو خاصًا، وهي تجازيه بناء على تلك اللائحة، وبالتالي سحب الترخيص تتناوله ابتداءً قوانين أخرى، وتنظيميًا تتناوله المؤسسة ذاتها، وليس محله قانون العقوبات. السؤال الثاني: لماذا لا يضمن موضوع التدريب في المادة المقترحة؟ التدريب تقوم به الجهات الحكومية والجهات الخاصة بأن تضمن جميع القوانين والقرارات المتعلقة بالقطاع الطبي والصحي وغير ذلك ضمن برامجها التدريبية الخاصة، فهي من تقوم بتصميم برامجها، وهي من تقوم بتصميم لائحة ومدونة السلوك الخاصة بها بالاعتماد على القوانين، ولا تورد هذه الأمور في القوانين، فهذه مرحلة لاحقة، وهي واجبة على المؤسسات الصحية العامة والخاصة وليس مكانها هنا. السؤال الأخير: هل يتعارض الإبلاغ عن وجود شبهة أو جنحة جنائية مع ما يطلق عليه الأسرار الطبية؟ لا يتعارض ذلك، فالأسرار الطبية هي مجموعة من المعلومات التي يبوح بها المريض أو يعرفها الطبيب بناء على ما أفشاه له المريض بنفسه، وكذلك بناء على ما اكتشفه الطبيب بسبب مزاولته لمهنته أو غير ذلك، وهي من الحقوق اللصيقة بالإنسان، ولها تعريفات كثيرة. الأسرار الطبية شيء آخر، والإبلاغ عن جريمة أو جنحة شيء مختلف تمامًا ليست له علاقة بالأسرار الطبية، لأنه ابتداءً لم يبح المريض بها للطبيب، نحن نتكلم عن أن هناك شخصًا تتم معاينته من قبل مزاول المهنة الصحية، إما أن يكون متوفى وإما عنده إصابة بليغة، قد تكون هناك طعنة، أو إصابة على الرأس، أو هناك طلق ناري، وغير ذلك، وبالتالي لا أتصور وجود مجال كبير للأسرار الطبية هنا، ومع كامل احترامي فإن الأسرار الطبية ليس محلها في هذا القانون، وشكرًا.
النائب الأول للرئيس: شكرًا، هل هناك ملاحظات أخرى؟
(لا توجد ملاحظات)